بعدما أخبره طبيبه عن إصابته بمرض خطير وأن يومه قد اقترب و حياته قاب قوسين أو أدنى من الانقضاء خرج يمشي مشية الحائر الذاهل وقد نسج الألم على وجهه غبرة مطلقاً لعبرته سبيلها, يئن أنينا محزنا قد حمل هماً عظيماً وبينما هو يسير هائما على وجهه أراد أن يشرب ماء لجفاف في ريقه أصابه بعد الخبر الكارثة وعندما دلف إلى البقالة وإذا به يجد صاحبها يضرب طفلا صغيرا ضربا مبرحا فاستفظع مافعل الرجل فلم يتردد في إطلاق النار عليه فأراده قتيلا , ثم خرج واستقل سيارة أجرة وقد قابله السائق بازدراء واحتقار مما دفعه إلى إطلاق رصاصة عليه , وبعدها وجد نفسه في سيرك عالمي يزور مدينته فأراد أن يروح عن نفسه وانتظم في طابور شراء التذاكر وساءه ما شاهد من فضاضة أحد الباعة مع الجمهور فاستقبح سلوكه فتتبعه عندما خرج وباغته برصاصة أودت بحياتهــو العجيب أن الرجل كان يسألهم جميعا قبل أن يقتلهم عن أعمارهم ,وبعدما يجيبون عليه يرد عليهم : ربما عشت ضعف عمرك لو كنت مؤدبا! وكان يترك بجانب كل ضحية ورقة كتب فيها: لو كان لطيفاً لعاش أطول! وبعد سلسلة من الحوادث ذاع صيت الرجل في المدينة وانتشر خبره وتناقل الرواة ما يفعله فدبَّ الذعر في قلوب الناس وخصوصا الغير مهذبين والصفقاء خشية أن يكونوا ضحاياه القادمين فربما التقوا بهذا الرجل ذات يوم فيؤدبهم على سوء خلقهم بالقتل ! مما دفعهم أن يكونوا أكثر لطفا وأرق تعاملا و تهذيبا مع الآخرين مما جعل اللطف يعم وينتشر بين الناس في المدينة !
ماذا تختار؟: من تلك القصة الرمزية أقول: اختر أما الموت أو اللطف !ّفاللطف والأدب وحسن التعامل مع الآخرين هو عمرٌ ثانٍ طويل من حيث بركة العمر وعظم الجوائز المكتسبة , و أجدني أحيانا عاجزا عن إيجاد تفسير منطقي لغلظة البعض وقسوته وتعامله العنيف مع الجميع فلا تجد أحدا قد سلم منه ولا من سوء خلقه فلا تراه إلا متجهما و إذا ما خالفت رأيه رماك بجارح الكلام و إذا ذهبت غير مذهبه جرعك مسموم كلامه مغلظا لك في الخطاب!
وهذه النوع من البشر تعقبه غلظته ندما وتجلب عليه وبالا وتنتج له شرا ويذكر في هذا أن غنيا كان شديد الكبر عظيم الصلف احتقر أحد حاملي الأمتعة في أحد المطارات , وبعد أن غادر التاجر أتى أحد المسافرين يواسي العامل فقال له العامل مبتسماً: لاتقلق سيدي هو يريد لوس انجلوس وأمتعته ستذهب إلى نيويورك!
بضاعتنا ردت إلينا: وقد قدّم لنا القران دروساً جميلة في فنون اللطف ومهارات الذوق فقال سبحانه في معرض العتب للحبيب اللهم صلي وسلم عليه
عفا الله عنك لم أذنت لهم )
فهل رأيتم لطفا وذوقا وأدبا مثل هذا؟! وهل سمعتم بمعاتبة أحسن من تلك؟! فمن تأمل حال البشر يجد أن أغلبهم يباغت المخطيء بالتهديد ويتلقاه بالتهويل ثم يرسل النقد كسهم قاتل مسموم , أما المولى سبحانه فقد بدأ بالعفو قبل المعاتبة! ومن الوصايا الجميلة ما أوصى به سبحانه موسي وهارون بأن يقولا لفرعون قولا لينا ــوهو القائل أنا ربكم الاعلى !!ــ فهل سمعتم بأطيب من هذا الكلام وأعذب من هذا الخطاب!
إن الحديث عن موضوع اللطف ورقة الحديث وجمال الأسلوب ليس نافلة بل هو ضرورة بالغة فالبشر كائنات عاطفية والتعامل معهم يحتاج إلى تؤدة ورفق ولين , واللطف زينة الإنسان وأقوى أسلحته وطريقه الميسر لاختراق القلوب وعقد الصفقات النفسية, والرجل اللطيف تنقاد له الصعاب ويتيسر له العسير وتذلل له العقبات فتمنحه النفوس ودها وتهديه القلوب حبها , واللطف ليس وسيلة من وسائل كسب العيش أو المال إنما هي حالة من حالات السمو الإنساني ترتقي بها النفوس إلى مدارج الكمال والجمالــ
تحذير: كما أن اللطف لايعني إذلال النفس أو احتقار الذات أو الاستكانة والانهزامية والركض نحو إرضاء الآخرين أو موافقتهم في جميع أرائهم فالشخص اللطيف يطالب بحقه ويعبر عن رايه ويقول لا في وقتها ويتصدى لهجوم الحمقى والأغبياء ولكن بأدب وحزم ودون رفع للصوت أو التلفظ بكلمات نابية أو جرح شعور الآخرين!
السر: • شاب بولندي أسلم على يديه المئات في فترة وجيزة بالرغم من قلة العلم الشرعي وقرب العهد بالإسلام مما أثار انتباه أحد الفضلاء والذي التقاه في إحدى المدن الألمانية فسأله عن سر محبة الناس له مما بسط مهمته في الدعوة فأجابه :فقط تصرفت كمسلم!!
أنت أولا: • أولا وقبل كل شيء كن لطيفا مع نفسك ففاقد الشيء لايعطيه فاللطفاء مع أنفسهم رصيدهم من الثقة كبير لذا تجدهم أقرب إلى العطاء بعكس الذين يكرهون أنفسهم فهم في سعي دائم للأخذ والاستئثار بكل شيء
لا للانتقاء: • لا يستقيم أن يكون الإنسان لطيفا مهذبا مع شريحة دون شريحة ومع أشخاص دون أشخاص , ولست مقتنعا بما يسمى باللطف الجزئي فهو طبع ثابت غير قابل للانتقاء
التصرفات الدافئة: إليك أيها العزيز بعض اللمسات الإنسانية والتصرفات الدافئة والتي ستجعل منك شخصا لطيفا محبوبا بإذن الله:
1ــ
ابتسم وليشرق محياك بها دائما.2ــ
أنصت بود فالإنصات مؤشر للاحترام 3ــ
قدّر الآخرين واحترم أرائهم ولا تقلل من شأنها، 4ــ
امدح ما ترصد من سلوكيات أو ايجابيات 5ــ
سل سخائم القلوب ورقق الأرواح بالهدية 6ــ
لاتفرح بتصيد الأخطاء وان أردت الانتقاد فمرره برفق 7ــ
شجّع الانجازات واثن على النجاحات 8ــ
تعاطف في أوقات الأزمات ولحظات الانكسار واحفظ ماء الوجه ومهّد دروب العودة للآبقين 9ــ
تواضع ,تكبر وتعظم في عيون الآخرين 10ــ
احفظ الأسماء فهم من أهم الممتلكات ومناداتك بالاسم دلالة اهتمام 11ــ
تفاعل مع حديثهم واستشهد بأقوالهم واثن عليها 12ــ
دافع عن الغائبين وذب عن أعراضهم فهي الشجاعة الحقيقية 13ــ
أحيي المعروف بإماتته وعدم ذكره وترفع عن المنّ 14ــ
اقبل العذر ولا تكن ثقيل النفس 15ــ
لا تتدخل فيما لا يعينك ولا تُكثر الأسئلة 16ــ
لا تكن شاكيا >> بضاعتك النواح وشعارك اللوم 17ــ
اتصل قبل أن تزور واسأل عن مناسبة الوقت إذا أردت اتصالا طويلا 18ــ
احترم المواعيد فهي علامة فارقة للمتحضرين 19ــ
لاطف الصغار وداعبهم وتحدث معهم باهتماماتهم 20ــ
تسامح وكن مخموم القلب طاهر الروح 21ــ
كلمتان عذبتان سحريتان "من فضلك" عند الطلب, و"أشكرك" عند إنجاز الطلب 22ــ
هنئيْ الآخرين وتفاعل مع مناسباتهم وإن تعذر حضورك فاعتذر ولو برسالة 23ــ
بشّر بالخير وانقل الأخبار الجميلة 24ــ
عبّر عن حبك وانطق بمكنونات قلبك 25ــ
لا تمارس دور الواعظ والأستاذ عليهم 26ــ
كن واعيا بنفسك مسيطرا على انفعالاتك 27ــ
لا تفرض رأيك ولا تصادر آراءهم28ــ
اعتذر منهم إذا بدر منك خطأ ولا تكابر 29ــ
تنزه عن استخدام الألفاظ المنحطة30ــ
تفقد الغائب واسأل عنه 31ــ
قبل أن تغادر مناسبة دعيت لها اثن على جودة الأكل وروعة التنظيم ومن الغد كرر الإعجاب برسالة32ــ
قدّم ضيوفك لبعضهم ورافقهم عند دخولهم وخروجهم 33ــ
اعتذر لهم حال الخطأ ولا تطلق الأحكام القطعية عليهم 34ــ
قدّم لهم المعونة من غير طلب و اقض حاجاتهم ما أمكنك 35ــ
لا تقل (هو) أو (هي) عن شخص موجود 36ــ
لا تتقدم بطرح رأي أو تقديم نصح لم يُطلب منك تقديمه 37ــ
كلما كان صوتك منخفض كان حديثك خفيفاً على القلوب و الأسماع 38ــ
ارصد شيئاً مميزا في أحدهم كعطره أو ساعته وعبّر باتزان عن إعجابك به 39ــ
كنّ طلق الوجه عذب الترحيب عند اللقاء 40ــ
اجعل الآخرين يتحدثون عن أنفسهم 41ــ لا تُذّكر أحدا بسقطاته 42ــ
لا تفحم وتحرج من ضعفت حجته إذا كان الأمر لا يستحق 43ــ
كُنّ متفائلاً ناثرا لورود الأمل على من حولك وأخيرا أيها العزيز أنصحك بأن تطبق قاعدة2+2
بحيث تختار مهاراتين تنقصك ثم تجاهد نفسك على تطبيقها بتركيز وحرص لمدة أسبوعين سترفع بها من مستوى علاقاتك و معها ستجد روحك تحلق في فضاء رحب من الانشراح والأنس